2 مارس 2017
سعادة سعيد محمد الطاير، نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة بدبي، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي
سعيد الطاير: قيمة الاستثمارات الخضراء ستصل إلى 30 مليار دولار في دبي بحلول العام 2030
تتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري لتغدو مشكلة حقيقية تستدعي تضافر جهود المجتمع الدولي بأكمله لمواجهتها. وبات التغير المناخي القضية الأكثر إلحاحاً على المجتمع الدولي حالياً، وذلك بما يفرضه من تأثيرات وتداعيات مستقبلية خطيرة، لا تقف عند حدود جفاف بعض الأنهار وغرق أجزاء شاسعة من المناطق الساحلية، وتبدل خريطة مناطق الإنتاج الزراعي في العالم فحسب، بل تتعدى ذلك بكثير. ووفقاً لتقرير أصدره البنك الدولي وحمل عنوان "اخفضوا الحرارة"، تقف منطقة الشرق الأوسط في الخطوط الأمامية للمواجهة مع تغير المناخ. فقد أدى التطور الصناعي خلال فترة الـ 150 عاماً الماضية إلى إطلاق غازات دفيئة، الذي يعد المسبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري التي أدت إلى إحداث تغيرات واضحة وخطيرة في مناخ الأرض، وارتفاع درجة حرارة الكوكب.
ورغم أن انبعاثات الغازات الدفيئة بالمنطقة العربية لا تتجاوز 5% من انبعاثات الغازات في العالم، فإنها المتضرر الأكبر من هذه الظاهرة. ويرى خبراء مناخ أن آثار التغير المناخي بدأت تظهر في المنطقة العربية، متمثلة في موجة السيول والفيضانات التي ضربت مصر ولبنان والعراق وموريتانيا والسعودية والكويت، بالإضافة إلى إعصار تشابالا الذي ضرب جنوب اليمن وسلطنة عمان.
وستواجه المنطقة العربية التي شهدت ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة في العقود الماضية ارتفاعاً غير مسبوق للحرارة، مما يزيد من انتشار ظاهرتي الجفاف والتصحر اللتين تعاني منهما معظم الدول العربية تقريباً، ومن المتوقع أن تزيد درجات الحرارة في فصل الصيف ثمانِ درجات مئوية في أجزاء من الجزائر والمملكة العربية السعودية والعراق بنهاية القرن الحالي.
وتواجه دولة الإمارات العربية المتحدة ثلاثة تحديات للتغلب على أزمة التغير المناخي تتمثل في النمو السكاني، والتطور العمراني والصناعي، ومحدودية الموارد البيئية. فقد تسبب المعدل السريع للنمو السكاني في تزايد الطلب على الأنشطة الصناعية، التي تؤدي إلى انبعاث مفرط للغازات المسببة للاحتباس الحراري، خصوصاً ثاني أكسيد الكربون. وبات من المعروف أن التغير المناخي ليس فقط تحدياً بيئياً، وإنما يمس قضية التنمية ككل، وله عواقب اقتصادية واجتماعية هائلة، ونحن بحاجة إلى معرفة حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تقف عائقاً أمام التنمية المستدامة.
الجدير بالذكر أن دولة الإمارات قد اتخذت العديد من الخطوات العملية للتصدي لظاهرة تغير المناخ والتخفيف من تأثيراتها السلبية على النظم البيئية والقطاعات الاقتصادية المختلفة، ووضع أطر قانونية للمحافظة على ثرواتها البيئية، مع عدم إغفال أهمية دور الشباب في العمل على الحد من آثار التغير المناخي. كما استحدثت الدولة وزارة التغير المناخي والبيئة لتعكس أهمية وعمق الالتزام البيئي الذي تضطلع به دولة الامارات، التي تعد من أوائل الدول التي عملت لدعم المجتمع الدولي لمواجهة التحديات المناخية؛ فقد كانت من الدول السباقة التي حرصت على دعم بروتوكول كيوتو في عام 2005 للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في البلدان الصناعية. كما أنها أول دولة في المنطقة توقع على اتفاق كوبنهاغن، وذلك خلال الدورة الـ 15 لمؤتمر الأطراف لدعم الاتفاق طويل الأمد بخصوص الحد من الانبعاثات.
وقد أدت الدولة دوراً هام في المفاوضات التي قادت إلى الاتفاق التاريخي لمكافحة التغير المناخي، الذي تم التوصل إليه في قمة باريس للمناخ في عام 2015، من خلال تقديم التزاماتها الوطنية لمعاهدة الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهو ما يؤكد جدية التزامها بالتعامل مع قضية التغير المناخي. وفي عام 2015، وللمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاماً من بدء مفاوضات الأمم المتحدة، أعلنت 186 دولة من أصل 195 دولة مشاركة في القمة عن إجراءات للحد من انبعاثاتها من غازات الدفيئة لمكافحة ظاهرة التغير المناخي، مع وضع هدف عالمي لتخفيض الاحتباس الحراري والحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها دون درجتين مئويتين، ومتابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند الدرجة ونصف الدرجة المئوية. كما وضعت دولة الإمارات نصب أعينها تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدتها الأمم المتحدة لحشد الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله ومكافحة عدم المساواة ومعالجة تغير المناخ.
وتعمل إمارة دبي على دفع المسيرة في مجالات الطاقة المتجددة والاستدامة والبيئة وتعزيز كفاءتها، حيث وضع المجلس الأعلى للطاقة استراتيجية لخفض الكربون بنسبة 16% حتى عام 2021 بهدف جعل دبي ضمن المرتبة الأولى عالمياً بين المدن الأقل في البصمة الكربونية. وأطلق سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، لتحويل الإمارة إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، من خلال توفير 7% من طاقة دبي من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2020، وزيادتها إلى 25% بحلول العام 2030 و75% بحلول العام 2050. وندعم في هيئة كهرباء ومياه دبي تنفيذ هذه الاستراتيجية الواعدة والهادفة إلى تقليل البصمة الكربونية لإمارة دبي ودولة الإمارات، بما يسهم في الحد من آثار الاحتباس الحراري. وفي سياق الجهود العالمية، استضافت مدينة دبي خلال الأعوام الماضية فعاليات القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، وذلك ضمن مسيرتها الرائدة نحو تحقيق طموحاتها الرامية لتعزيز مكانة دبي باعتبارها عاصمةً عالمية للاقتصاد الأخضر، إضافة لتوفير منصة مثالية تجمع كبار الخبراء في مجال الاقتصاد الأخضر لتعزيز بناء الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتطوير مبادرات خضراء لتحقيق مستقبل مستدام.
وتسهم الهيئة في دفع عجلة الاستدامة في دبي، من خلال إطلاق مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة، وتعزيز كفاءة وفعالية شبكات الطاقة والمياه في الإمارة، إضافة إلى إطلاق المبادرات والبرامج التوعوية من أجل تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية، وغرس ثقافة الترشيد في المجتمع، الأمر الذي يدعم سياسة دبي في خفض البصمة الكربونية للإمارة والدولة، ويسهم في تقليل الآثار السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري. كما تقدم الهيئة رعايتها بشكل مستمر للمؤتمرات والمناسبات والمحافل الوطنية التي تعنى بالبيئة، وتسلط الضوء على أفضل الحلول المبتكرة في مجال التنمية الخضراء.
وتعد الطاقة الشمسية هي المصدر الأكثر شيوعاً في مصادر الطاقة النظيفة في دولة الإمارات لوقوعها ضمن نطاق الحزام الشمسي. ففي دبي يصل الإشعاع الشمسي الكامل الذي يمكن استخدامه لتقنية الخلايا الكهروضوئية إلى 2150 كيلووات ساعة/متر مربع في العام، في حين أن الجزء المباشر من الإشعاع الذي يمكن استخدامه في تقنية الطاقة الشمسية المركزة حوالي 1850 كيلووات ساعة/متر مربع في العام، ومن شأن هذه الميزات أن تعزز تطبيقات الطاقة الشمسية في دبي.
وقد أطلقت الهيئة مبادرة "شمس دبي" في إطار سعيها لتنفيذ المبادرة الوطنية طويلة المدى التي أطلقها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، لبناء اقتصاد أخضر في دولة الإمارات، تحت شعار «اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة»، ورؤية الإمارات 2021، لتحقيق بيئة مستدامة من حيث جودة الهواء، والمحافظة على الموارد المائية، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتطبيق التنمية الخضراء، وخطة دبي 2021 لأن تكون دبي ذات عناصر بيئية نظيفة وصحية ومستدامة. وتسمح "شمس دبي" لأصحاب المباني بتركيب أنظمة شمسية كهروضوئية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتقوم الهيئة بربط هذه الأنظمة مع شبكة الكهرباء، حيث يتم استخدام الطاقة التي يتم إنتاجها داخلياً مع تحويل الفائض إلى شبكة الهيئة، ويتم إجراء مقاصة بين وحدات الطاقة الكهربائية المصدرة ووحدات الطاقة الكهربائية المستوردة خلال نفس مدة الفاتورة الصادرة لحساب الاستهلاك.
كما نفذت الهيئة العديد من المشروعات البارزة تطبيقاً لهذه المبادرة، من بينها تدشين أحد أكبر المشاريع على سطح واحد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 1.5 ميجاوات من الخلايا الكهروضوئية في مجمع محطات جبل علي لإنتاج الطاقة. وأطلقنا في شهر أكتوبر 2016 أكبر مشروع لتركيب الألواح الشمسية الكهروضوئية على أسطح المباني في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، عبر تركيب 88 ألف لوحة شمسية على أسطح المباني التابعة لموانئ دبي العالمية في المنطقة الحرة لجبل علي وفي ميناء راشد. وتتعاون هيئة كهرباء ومياه دبي مع 18 مؤسسة حكومية في دبي لربط 37 مشروعاً ضمن مبادرة "شمس دبي" بقدرة إجمالية تبلغ 279 كيلووات، تولد مجتمعة نحو 445 ميجاوات/ساعة من الكهرباء سنوياً. وقد شهدنا إقبالاً كبيراً على تركيب الألواح الشمسية لإنتاج الكهرباء في المباني ضمن مبادرة "شمس دبي.
وفي إطار جهودها لدفع مسيرة الاستدامة في دبي، أطلقت الهيئة مبادرات ومشروعات كبرى في مجالات الطاقة المتجددة والاستدامة والبيئة؛ أبرزها مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يؤكد اهتمام قيادة دولة الإمارات بالتنمية المستدامة، وإدراكها لأهمية الطاقة المتجددة في تحقيق التوازن بين التنمية والمحافظة على بيئة نظيفة وصحية وآمنة.
يعد المجمع أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم في موقع واحد وفق نظام المنتج المستقل، حيث ستبلغ قدرته الإنتاجية 1,000 ميجاوات بحلول عام 2020، وصولاً إلى 5,000 ميجاوات بحلول عام 2030، باستثمارات إجمالية تصل إلى 50 مليار درهم. وسوف يسهم المجمع عند اكتماله في تخفيض أكثر من 6.5 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً.
تم إطلاق المجمع في عام 2012، وبدأت عملية تشغيل المرحلة الأولى بقدرة 13 ميجاوات في أكتوبر 2013، وسيتم تشغيل المرحلة الثانية وفق نظام المنتج المستقل بقدرة 200 ميجاوات في أبريل 2017، حيث تعد أكبر وأول مشروع من نوعه في دولة الإمارات ينفذ وفق نظام المنتج المستقل. بينما سيتم تشغيل المرحلة الثالثة بقدرة 800 ميجاوات في عام 2020. وتعتزم الهيئة بناء أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركزة في العالم بنظام المنتج المستقل، وسوف تدخل المرحلة الأولى من محطة الطاقة الشمسية المركزة بقدرة 200 ميجاوات حيز التشغيل بحلول إبريل 2021، للوصول إلى 1000 ميجاوات بهذه التقنية بحلول عام 2030.
ويضم مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية مركز هيئة كهرباء ومياه دبي للابتكار، الذي يضم تحت مظلته مجموعة من مختبرات البحث والتطوير في مجال مستقبل الطاقة النظيفة، وسيشرف على إدارة مشاريع بحثية وتطويرية بمجموع استثمارات تصل إلى 500 مليون درهم.
وتعمل الهيئة على إنجاز مشروع رائد آخر في مجال الطاقة النظيفة هو مجمع حصيان لإنتاج الطاقة بتقنية الفحم النظيف، وفق نظام المنتج المستقل، حيث تبلغ القدرة الإنتاجية للمشروع 2400 ميجاوات. ويتكون المشروع من أربع وحدات بقدرة صافية تبلغ 600 ميجاوات لكل منها، وسيبدأ تشغيلها على مراحل بدءاً من الأعوام 2020 و2021 و2022 و2023 على التوالي. ويعد المجمع أول مشروع من نوعه في المنطقة، يستند إلى أفضل التقنيات العالمية وأعلى المعايير المعتمدة في هذا المجال، حيث سيتم استخدام تقنية المراجل فوق الحرجة (Ultra Super Critical) كأفضل التقنيات في العالم. وتسعى الهيئة من خلال المشروع الرائد إلى تحقيق المسار الخامس لاستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، الذي يختص بتوظيف مزيج الطاقة الصديق للبيئة من حيث استخدام الطاقة الشمسية بنسبة 25%، والطاقة النووية بنسبة 7%، والفحم النظيف بنسبة 7%، والغاز بنسبة 61% بحلول عام 2030، وذلك بهدف دعم وتعزيز تحويل الإمارة إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر.
وتماشياً مع الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة واستشرافها لمستقبل الاستدامة في الدولة والمنطقة، وتأكيداً لجهود هيئة كهرباء ومياه دبي للارتقاء بأدائها المؤسسي في مجال الاستدامة، وبناء العلاقات والشراكات الداعمة لدفع مسيرة الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، انضمت الهيئة إلى المجموعة الذهبية "جولد كوميونيتي" التابعة للمبادرة العالمية لإعداد التقارير، وهي مجموعة عالمية تجمع المؤسّسات المستشرفة لمستقبل الاستدامة وإعداد التقارير، والداعمة لعملية اتخاذ القرار لدفع عجلة التحوّل إلى اقتصادات مستدامة حول العالم.
كما دعت المبادرة العالمية لإعداد التقارير الهيئة للانضمام إلى برنامج "ستاندردز بايونيرز"؛ الذي يضم كبرى المؤسّسات الرائدة في إعداد تقارير الاستدامة من مختلف أنحاء العالم، لتكون بذلك ضمن 100 مؤسّسة فقط حول العالم سيكون لها السبق في التطبيق الفوري للمعايير الدولية الجديدة لإعداد تقارير الاستدامة، قبل إلزام جميع المؤسسات بها بنهاية يونيو 2018.
إن القيادة الرشيدة لديها رؤية ثاقبة فيما يخص أهمية تبني مفهوم الاستدامة والمشاريع الخضراء والتحول إلى الاقتصاد الأخضر، فقد تفضّل سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في شهر أكتوبر 2016 بإطلاق المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر؛ بدعم من حكومة دبي وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتهدف المنظمة إلى تعزيز سبل التعاون بين دولة الإمارات، ودول العالم في مجال الاقتصاد الأخضر.
أما التمويل الأخضر فهو أحد المسارات الرئيسة الخمس التي ترتكز عليها استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، وهي: البنية التحتية، والبنية التشريعية، والتمويل، وبناء القدرات والكفاءات، وتوظيف مزيج الطاقة الصديق للبيئة. وقد أطلق صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في نوفمبر 2015 "صندوق دبي الأخضر" لتوفير أدوات تمويلية لمستثمري قطاع الطاقة النظيفة. تصل قيمة الصندوق إلى 100 مليار درهم. وستقدم كل من حكومة دبي وهيئة كهرباء ومياه دبي نواة رأس مال الصندوق. ومن المتوقع أن تصل قيمة الاستثمارات الخضراء إلى 30 مليار دولار في دبي بحلول العام 2030.
وفي إطار جهود هيئة كهرباء ومياه دبي لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة، أنشأت الهيئة شركة "الاتحاد لخدمات الطاقة" (اتحاد إسكو) لتوفير فرص استثمارية وافرة وواعدة للشركات المتخصصة في عقود أداء كفاءة الطاقة، إلى جانب المؤسسات المالية، وموردي المعدات والتكنولوجيا الخضراء. ويجري العمل على إعادة تأهيل أكثر من 30 ألف مبنى في إمارة دبي لضمان كفاءة استخدام الطاقة في المرحلة الأولى من هذا المشروع، انسجاماً مع استراتيجية إدارة الطلب على الطاقة الهادفة إلى الحد من استهلاك الطاقة بنسبة 30% بحلول 2030، إضافة إلى برامجنا لإدارة الطلب على الطاقة. وتبلغ التكاليف التراكمية لهذا المشروع الاستراتيجي الطموح بالقيمة الحالية حوالي 30 مليار درهم، في حين أن الوفر بالقيمة الحالية هو حوالي 82 مليار درهم؛ أي بصافي وفورات إجمالية تصل إلى 52 مليار درهم وبمردود اقتصادي.
كما نولي أهمية بالغة للقضايا البيئية التي تسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة في دولة الإمارات. ونعمل من خلال مؤسسة الإمارات لأنظمة التبريد المركزي "إمباور"؛ أكبر مزود لخدمات تبريد المناطق في العالم، على تسليط الضوء على فوائد تبريد المناطق لكلا القطاعين العام والخاص في جميع أنحاء العالم، ونشدد على الحاجة الملحة لتوحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تواجه قطاع الطاقة، وخلق فرص عمل جديدة في قطاعات الطاقة المتجددة والنظيفة.
ويسعى مركز دبي المتميز لضبط الكربون (كربون دبي) على تحقيق الاقتصاد الأخضر وإرساء معايير تطوير عمليات وخدمات ضبط انبعاثات الكربون في أنشطتنا اليومية، وترسيخ الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وفي خطوة جديدة تعزز مسيرتها الواعدة في مجال تعزيز جهود الاستدامة حول العالم، أقّر المجلس التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) "برنامج عمل الأنشطة الشمسية في دولة الإمارات العربية المتحدة"، الذي أطلقته هيئة كهرباء ومياه دبي بالتعاون مع كربون دبي لوضع الخطوط العريضة لتعزيز "آلية التنمية النظيفة" في جميع مشاريع الطاقة الشمسية في الدولة. ويعد هذا البرنامج مبادرة رائدة لدولة الإمارات في دعم الجهود العالمية نحو تعزيز الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة. كما تعاون المركز مع الهيئة في إطلاق تقرير حالة الاقتصاد الأخضر 2016، الذي قدم نظرة شامله عن المبادرات التي تشجع الابتكار، والسياسات التي تساعد على تسريع عملية التحول الأخضر، وسعي الدولة لتصبح نموذجاً رائداً في التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وتقديراً لدور الهيئة الفعال في تبني وتطبيق أفضل الممارسات العالمية المستدامة، والامتثال الكامل للقوانين البيئية العالمية، وتبني مشاريع الطاقة المتجددة، ودعم أنشطة البحوث والتطوير والابتكار، حصدت الهيئة على العديد من الشهادات والجوائز البيئية؛ ومنها على سبيل المثال لا الحصر: شهادة نظام الإدارة البيئية ISO 14001:2004)) منذ عام 1998، إضافة إلى جائزة الخمس نجوم العالمية في البيئة من مجلس السلامة البريطاني لمدة خمس سنوات متتالية من 2011 إلى 2016، حيث كانت هيئة كهرباء ومياه دبي أول مؤسسة في دول مجلس التعاون الخليجي تحصل على هذا الاعتراف الدولي. كما أسهم الأداء المتميز في تحقيق جائزة الخمس نجوم في مجال البيئة بالفوز بجائزة الشرف العالمية للبيئة لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا من بين سبع دول حول العالم، وذلك بتقديرات كاملة على مدار خمس سنوات متتالية من 2012 إلى 2016. وتعد هذه الجوائز الدولية بمثابة اعتراف عالمي بالنهج المتميز والاستراتيجيات والسياسات البيئية التي تتبناها المؤسسة في تطبيق سياسة الأنظمة الإدارية المتكاملة لتحقيق مفاهيم الاستدامة والحماية البيئية.
نحن في هيئة كهرباء ومياه دبي لا نركن إلى الإنجازات التي حققناها، وإنما نواصل المسيرة، مسترشدين بالرؤية الحكيمة لقيادتنا الرشيدة. وتأتي مشاركتنا في قمة الأمم المتحدة للتغيّرات المناخية في مراكش (COP22) في نوفمبر الماضي دليلاً جديداً على حرصنا على تعميق تعاون دولة الإمارات مع المجتمع الدولي لمواجهة التغير المناخي، واستكمال الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه خلال مؤتمر الأطراف في باريس في ديسمبر عام 2015. ونأمل من خلال توحيد الجهود الدولية وتضافر الجهود إيجاد حلول مستدامة لقضية التغير المناخي، لتوفير مستقبل مشرق تنعم فيه أجيالنا القادمة بالتمتع ببيئية نظيفة، وصحية، ومستدامة.