3 مايو 2016
التنافسية العالمية والابتكار والريادة والتنمية محاور رئيسة ترسم ملامح مستقبل دولة الإمارات، التي تخطو خطوات واثقة وثابتة للتحول إلى واحدة من أبرز الدول المتقدمة في العالم بحلول العام 2021. وإدراكاً منها لأهمية بناء نهضة حضارية استناداً إلى أسس متينة قوامها الابتكار والاستدامة وصولاً إلى مستقبل أفضل للأجيال القادمة، أولت القيادة الرشيدة اهتماماً خاصاً بقطاع الطاقة، لا سيّما قطاع الكهرباء والمياه، الذي برز على مدى العقود القليلة الماضية كمساهم فاعل في المسيرة التنموية الطموحة التي تقودها إمارة دبي.
واستحوذ تطوير البنية التشريعية لقطاع الطاقة على الحيز الأكبر من الجهود الوطنية الرامية إلى تحويل دبي إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، مشكلاً بذلك واحداً من المسارات الخمس لـ "استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050"، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي تهدف إلى توفير 7% من الطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2020 و25% بحلول العام 2030 و75% بحلول العام 2050. ومن أبرز المشروعات في هذا الإطار مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي تنفذه هيئة كهرباء ومياه دبي، ويعد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم بنظام المنتج المستقل، وستصل قدرته الإنتاجية إلى 1000 ميجاوات بحلول عام 2020، و5000 ميجاوات بحلول عام 2030.
ولطالما كانت دبي سبّاقة في تطوير وتحديث البنية التشريعية الداعمة لقطاع الكهرباء والمياه، استناداً إلى عدد من القوانين الناظمة التي كان لها الأثر الأكبر في تفعيل دور قطاع الطاقة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولعلّ أبرز هذه القوانين يتمثل في "القانون رقم (6) لسنة 2011 بشأن تنظيم مشاركة القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء والمياه في إمارة دبي"، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، في سبيل حماية البنية التحتية لقطاع الكهرباء والمياه من الأضرار المحتملة وتعزيز جاهزية الشبكة العامة لتلبية الطلب المتنامي على الكهرباء والمياه في إمارة دبي.
وجاء قرار المجلس التنفيذي رقم (46) لسنة 2014 بشأن تنظيم ربط وحدات إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بنظام توزيع الطاقة في إمارة دبي، الصادر عن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بمثابة دفعة قوية لعجلة نمو الاقتصاد الأخضر وبناء مستقبل آمن ومستدام، لا سيّما وأنه يوحّد الإطار التشريعي المنظم لعملية ربط وحدات الإنتاج المنتجة حصرياً من الطاقة الشمسية بنظام التوزيع، في خطوة تتماشى مع أهداف مبادرة "دبي الذكية" في تحويل الإمارة إلى المدينة الأذكى في العالم. ويشكل القرار دعامة صلبة لدعم جهود تنويع مصادر الطاقة عن طريق زيادة حصة الطاقة المتجددة، فضلاً عن حماية البيئة من خلال الحد من البصمة الكربونية والتشجيع على الإنتاج النظيف للطاقة الكهربائية. ويدعم هذا القرار مبادرة "شمس دبي" التي أطلقتها هيئة كهرباء ومياه دبي والتي تسمح لأصحاب المباني بتركيب ألواح كهروضوئية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتقوم الهيئة بربطها مع شبكة الكهرباء، حيث يتم استخدام الطاقة التي يتم إنتاجها داخلياً مع تحويل الفائض إلى شبكة الهيئة وإجراء مقاصة بين وحدات الطاقة الكهربائية المنتجة والمستهلكة.
أما قانون رقم (3) لسنة 2015 بإنشاء "مؤسسة سقيا الإمارات"، الصادر عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فشكل خطوة نوعية لترسيخ ريادة دبي على الخارطة العالمية كونه نقطة الانطلاق نحو مرحلة جديدة من الريادة في دعم الجهود الدولية الهادفة إلى توفير المياه الصالحة والنظيفة ومكافحة الأمراض المتصلة بالمياه التي تهدد حياة البشر وحماية المياه من العوامل البيولوجية والملوثات الكيميائية. ويوفر القانون الممكنات اللازمة لتفعيل مساهمة المؤسسة في إيجاد حلول دائمة وجذرية لمشكلة شح المياه حول العالم باستخدام الوسائل التقنية الحديثة وتوفير حلول تقنية جديدة ومبتكرة للمجتمعات التي تعاني شح وندرة وتلوث مياه الشرب، من خلال دعم البحوث المتخصصة وتمكين عمليات إنتاج المياه النظيفة والصالحة للشرب من الطاقة الشمسية.
وبالمقابل، يوفر قرار المجلس التنفيذي رقم (43) لسنة 2015 باعتماد رسوم مكتب التنظيم والرقابة لقطاع الكهرباء والمياه في إمارة دبي، الذي أصدره سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، إطاراً متكاملاً لتمكين المكتب من ممارسة المهام المنوطة به بموجب القانون رقم (6) لسنة 2011 بشأن تنظيم مشاركة القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء والمياه في دبي.
إذاً، مدفوعةً ببنية تشريعية قوية وتطلعات طموحة والأهم بدعم حكومي لامحدود، تسير الإمارة بثبات نحو تحقيق غايات "خطة دبي 2021" في بناء مدينة ذكية ومستدامة في مواردها، استناداً إلى الممارسات الفضلى المعمول بها عالمياً من حيث معدلات الاستهلاك والكفاءة والإدارة الرشيدة، بما يلبي متطلبات التنمية الشاملة دون المساس بالبيئة.