8 سبتمبر 2025
تواصل القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، التي تُعقد تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ترسيخ مكانتها كمنصة عالمية رائدة تسهم في تسريع وتيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتعزيز العمل المناخي الطموح، بما يواكب أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، ويعكس التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتبنّي حلول مبتكرة تضمن استدامة الموارد وتدعم النمو الاقتصادي.
تُعقد القمة، التي ينظمها سنوياً كلٌّ من المجلس الأعلى للطاقة في دبي، وهيئة كهرباء ومياه دبي، والمنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر، هذا العام تحت شعار "الابتكار المؤثر: تسريع مستقبل الاقتصاد الأخضر" يومي 1 و2 أكتوبر 2025 في مركز دبي التجاري العالمي.
وقال معالي سعيد محمد الطاير، نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، رئيس المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر: "تشير البيانات الدولية إلى تسارع النمو في القدرة الإنتاجية للطاقة النظيفة عالمياً، في مؤشر واضح على تحوّل الأولويات نحو مصادر طاقة مستدامة ومنخفضة الانبعاثات، لا سيما في ظل تزايد الطلب على الطاقة من مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، والسعي العالمي لتحقيق الحياد الكربوني. ومن خلال القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، التي تجمع نخبة من صنّاع القرار وقادة الفكر والخبراء العالميين، نسهم في تسريع تبني حلول الطاقة المتجددة والنظيفة، من خلال تسهيل الحوار بين القطاعين الحكومي والخاص، والمؤسسات المالية، والمنظمات الدولية، ضمن مجالات حيوية مثل الطاقة النظيفة والتمويل المستدام والتقنيات الخضراء. ونحرص من خلال هذا الحدث على دعم الشراكات الفاعلة، وتحفيز الابتكار، وتبادل أفضل الممارسات، بما يسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة لنا ولأجيالنا القادمة."
دور الذكاء الاصطناعي في تحول الطاقة
وحول أهمية الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، قالت الدكتورة أماليا بانتازديس، رئيسة شركة "لموس كونسلتنتس إنترناشيونال" وأحد المتحدثين في القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2025: "يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تحويل جميع جوانب انتقال الطاقة. فمن خلال الذكاء الاصطناعي، يمكننا تحسين أداء القطاعات الرئيسية ضمن سلسلة القيمة في قطاع الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، وتكرير النفط، وإنتاج البتروكيماويات، لجعل العمليات الصناعية المعقدة وعالية الانبعاثات أكثر استدامة. إن الصيانة التنبؤية، والتحسين اللحظي، والتنبؤ الذكي، وغيرها من الأدوات الرقمية، لا تعمل فقط على تحسين الكفاءة، بل تجعل الطاقة النظيفة أكثر موثوقية وسهولة في الوصول، وتعزز جدواها الاقتصادية. وفي شركة "لموس"، نقوم بدمج الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية لمساعدة متعاملينا على تحقيق مستويات جديدة من كفاءة الطاقة، وتقليل الهدر، وتعزيز المرونة، وخفض الانبعاثات."
من جهتها، قالت جيسيكا سكوباكاسا، الشريكة المؤسسة لشركة Olive Gaea وأحد المتحدثين في القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2025: "مع تزايد الحاجة الملحة للحلول المناخية، صار من اللازم اتخاذ إجراءات فعلية. ويوفر الذكاء الاصطناعي مساراً فعالاً لتسريع إزالة الكربون وجعل الاستدامة مصدراً حقيقياً للقيمة، وليس مجرد عملية لإعداد تقارير. ويتوجب علينا بناء تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدامها بشكل أخلاقي وشفاف، مع مراعاة الأثر طويل المدى."
وقال ستيوارت بينيا فيليز، الرئيس التنفيذي لشركة "ماكروسايكل تيكنولوجيز": "يتطلب تحقيق الدائرية تضافر جهود جميع المعنيين ضمن سلسلة القيمة، وتعد القمة العالمية للاقتصاد الأخضر فرصة ثمينة للمشاركة في حوارات مثمرة لبناء مسارٍ اقتصادي نحو الدائرية الحقيقية."
الهيدروجين الأخضر
يسهم الهيدروجين الأخضر، المستخرج من مصادر متجددة باستخدام تقنيات التحليل الكهربائي للمياه، في تخزين الطاقة ونقلها عبر الحدود، ما يعزز أمن الطاقة ويُسهم في تنويع مصادرها. ويمثل هذا الوقود النظيف ركيزة أساسية في بناء مستقبل منخفض الكربون وأكثر استدامة، بفضل قدرته على إحداث تحولات نوعية في سلاسل التوريد والصناعة والطاقة، إلى جانب إمكانات تصدير كبيرة للدول المنتجة. وانسجاماً مع هذه التوجهات، أطلقت دولة الإمارات "الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين" في عام 2023، بهدف أن تصبح مركزاً إقليمياً لإنتاج وتصدير الهيدروجين بحلول عام 2031، مع استهداف إنتاج 1.4 مليون طن سنوياً، منها مليون طن من الهيدروجين الأخضر. وتسعى الدولة إلى تحقيق هذا الهدف من خلال تحفيز الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية، ودعم البحوث والتطوير، وبناء شراكات دولية تسهم في تسريع نمو هذا القطاع الواعد.
وقال إيلي اديامي رئيس مجموعة جلف كرايو لتطوير الأعمال والتكنولوجيا والابتكار، وأحد المتحدثين في القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2025: "يحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام عالمي، لكن هذا الاهتمام ليس كافياً لضمان إزالة الكربون من الصناعات الثقيلة وتأمين الوقود النظيف للمستقبل. إن الانتقال من إبرام مذكرات التفاهم إلى التنفيذ على أرض الواقع، والبدء في بناء اقتصاد طاقة جديد، يستوجب الانتقال من المشاريع التجريبية إلى تطبيق المشاريع على نطاق واسع، إضافة إلى تبني السياسات الجريئة واتفاقيات الشراء المجدية، وتعزيز التعاون الإقليمي لتحويل الطموحات إلى واقع."
دور المعادن الحيوية في تحول الطاقة
تُعدّ المعادن الحيوية عنصراً أساسياً في تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة، بما في ذلك البطاريات، وتوربينات الرياح، والألواح الشمسية. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب على الليثيوم قد يرتفع بأكثر من 40 مرة بحلول عام 2040، بينما ينمو الطلب على الجرافيت والكوبالت والنيكل بنحو 20 إلى 25 مرة، مقارنة بعام 2020. ومن المتوقع أن يتضاعف الطلب على النحاس نتيجة التوسع في أنظمة الطاقة النظيفة. ويعكس هذا التحول المتسارع الحاجة إلى تطوير سلاسل إمداد مرنة ومستدامة، تضمن التوريد المسؤول لهذه الموارد من النواحي البيئية والاجتماعية. وفي هذا السياق، يبرز دور الهيدروجين الأخضر مجدداً كأحد أبرز حلول إزالة الكربون، لا سيما في القطاعات الصناعية الثقيلة والنقل، حيث يصعب خفض الانبعاثات باستخدام مصادر الطاقة التقليدية.
تخزين الطاقة
في ظل التوسع المتزايد في الاعتماد على الطاقة المتجددة، يبرز تخزين الطاقة كعنصر حيوي لضمان استقرار الشبكات الكهربائية. وتُعدّ تقنيات التخزين، خصوصًا البطاريات، من الركائز الأساسية لمرونة نظم الطاقة وقدرتها على التكيف مع الطبيعة المتقطعة لمصادر مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتُقدّر وكالة الطاقة الدولية، ضمن سيناريو الوصول إلى صافي انبعاثات صفري (NZE)، أن القدرة العالمية لتخزين الطاقة على نطاق الشبكات بلغت نحو 10 جيجاوات في عام 2020 و28 جيجاوات في عام 2022، ومن المتوقع أن ترتفع إلى نحو 967 جيجاوات بحلول عام 2030، بفضل التقدم في تقنيات البطاريات وانخفاض تكاليفها، إلى جانب التوسع في مشاريع الشبكات الذكية.
تسهم هذه التقنيات في تعزيز استقرار الشبكة، وتحسين موثوقية توزيع الطاقة، لا سيما في المناطق النائية أو تلك التي تواجه تحديات بنيوية. كما تُعدّ بطاريات أيونات الليثيوم والتخزين على مستوى الشبكة أدوات رئيسة لدعم تحقيق أهداف الحياد الكربوني وتعزيز مرونة أنظمة الطاقة.
دور القمة العالمية للاقتصاد الأخضر
ضمن نقاشات استراتيجية تجمع صنّاع القرار، والمستثمرين، والمؤسسات الأكاديمية، والمنظمات الدولية، تسلط القمة العالمية للاقتصاد الأخضر الضوء على محاور حيوية تُشكّل ملامح مستقبل الطاقة المستدامة. وتسعى القمة إلى تسريع التحول نحو نظام طاقة أكثر مرونة وكفاءة، مدفوع بالابتكار وموجّه بمبادئ العدالة المناخية واستدامة الموارد وتكامل الجهود بين مختلف القطاعات. وتُعدّ القمة دعوة عالمية لتعزيز العمل المناخي وتوحيد الجهود من أجل مستقبل أكثر استدامة، لا يقتصر على خفض الانبعاثات، بل يعزز التنمية الشاملة والمستدامة للأجيال الحالية والقادمة.