هيئة كهرباء ومياه دبي(ديوا) | الأجندة الخضراء.. أهداف طموحة لمستقبل مستدام بقلم: سعادة سعيد محمد الطاير نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة بدبي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي ورئيس اللجنة المنظمة للقمة العالمية للاقتصاد الأخضر

23 أغسطس 2016

الأجندة الخضراء.. أهداف طموحة لمستقبل مستدام بقلم: سعادة سعيد محمد الطاير نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة بدبي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي ورئيس اللجنة المنظمة للقمة العالمية للاقتصاد الأخضر

الأجندة الخضراء.. أهداف طموحة لمستقبل مستدام بقلم: سعادة سعيد محمد الطاير نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة بدبي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي ورئيس اللجنة المنظمة للقمة العالمية للاقتصاد الأخضر

أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية(WMO)، التابعة للأمم المتحدة، في شهر أبريل الماضي أحدث تقاريرها الذي حمل عنوان "حالة المناخ العالمي"، والتي استعرضت خلاله الأخطار الناتجة عن التغير المناخي والظواهر المناخية التي شهدها العالم عام 2015، من ارتفاع حاد في درجات الحرارة، وصلت إلى مستويات قياسية، في ظل هطول معدل غير مسبوق للأمطار، وموجات من الجفاف الشديدة، ونشاط للأعاصير المدارية، في ظل تواصل الارتفاع المحموم لدرجات الحرارة خلال العام الحالي.

وقد أشار الخبراء والمختصون في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن العام 2015 سجل معدلات مناخية غير مسبوقة في نواحي متعددة، وأن الإحصاءات التي نُشرت تسلط الضوء على درجة خطورة الآثار السلبية الناجمة عن التغير المناخي الذي يعتري كوكبنا وما يخيم على مستقبلنا جميعاً، الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وناجعة للحد من الآثار السلبية للتغير المناخي. حيث أن البحث عن حلول لهذه المشكلات يستلزم جهوداً هائلة وتنسيقا وتعاونًا على كافة المستويات والصعد محلياً وإقليميا وعالمياً.

إن تطوير وتعزيز أمن الطاقة من ناحية، والتعامل مع التغير المناخي من ناحية أخرى قد يظهرا منذ الوهلة الأولى على أنهما هدفين متناقضين، في حين أنهما في حقيقة الأمر يصبان في اتجاه واحد. فالدول تواجه تحديات توفير إمدادات طاقة موثوقة يسهل الحصول عليها، وفي ذات الوقت تحاول الحد من الانبعاثات الكربونية.

وفي هذا السياق واستكمالا للجهود المبذولة، توصل مؤتمر باريس للمناخ في شهر ديسمبر الماضي 2015 إلى اتفاق تاريخي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد كوكب الأرض. وقد شكل المؤتمر منصة هامة لجميع أعضاء اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لمناقشة كيفية تطبيق بنود اتفاقية باريس. وللمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاماً من بدء مفاوضات الأمم المتحدة، توصل ممثلو الدول الـ 195 المشاركة في المؤتمر إلى اتفاق ملزم لمكافحة ظاهرة التغير المناخي والعمل على إيجاد الحلول للحد من الاحتباس الحراري بما لا تتعدى درجتين مئويتين. وانطلاقاً من كونها عضواً في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بادرت دول مجلس التعاون الخليجي بتنفيذ عدد من المبادرات الخضراء في إطار جهودها لتحقيق المواءمة والانسجام مع الاتجاهات الدولية في الاقتصاد الأخضر التي تضمنت إطلاق مبادرات الطاقة المتجددة، وتعزيز البحوث والتنمية في قطاع التكنولوجيا، وترشيد استهلاك المياه وتحسين كفاءة الطاقة.

وفي شهر أبريل من العام الحالي، شهدت مدينة نيويورك مراسم توقيع اتفاقية المناخ التي تم التوصل إليها في مؤتمر باريس 2015 بحضور ممثلي الدول من مختلف أرجاء العالم. وقامت 171 دولة بتوقيع الاتفاق التاريخي الذي يحدد هدفاً طموحاً يهدف إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وإبقاء معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند درجتين مئويتين فوق المستويات المسجلة قبل العصر الصناعي، وهو رقم قياسي لعدد الدول التي تلتزم باتفاقية دولية جديدة.

وتؤكد هذه المشاركة المرتفعة رغبة جميع الأطراف في الالتزام بالتعاون واتخاذ خطوات ملموسة للتوصل إلى اتفاق جامع على المستوى الدولي. إلا أنه ولتحقيق أهداف الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ، يتوجب أن تصادق 55 دولة على الأقل على الاتفاقية ويتعين أن تأتي هذه التصديقات من دول تمثل 55% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.

ويأتي ذلك في ظل توقعات البنك الدولي بأن الاقتصاد العالمي سيحتاج خلال السنوات الـ 15 المقبلة إلى استثمارات في البنى التحتية بـ89 تريليون دولار أمريكي و4.1 تريليون دولار من الاستثمارات التحفيزية للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون وتحقيق هدف الحد من الاحتباس الحراري بحيث لا يتعدى درجتين مئويتين.

 وستستضيف مدينة مراكش المغربية في شهر نوفمبر القادم فعاليات الدورة المقبلة من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي COP22 حيث سيتم البحث في كيفية تفعيل العديد من القرارات الرئيسية التي تم التوصل إليها في العاصمة الفرنسية باريس.  ويشمل ذلك استمرار العمل لضمان التزام الدول بتقليل انبعاثات الكربون علاوة على التركيز بشكل أكبر على خطط عمل للمناطق والمدن وقطاعات الأعمال والمجتمع المدني، وستكون القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2016 في دبي منصة رئيسة للمساهمة في هذا الجانب.

ففي سياق الجهود العالمية، استضافت مدينة دبي خلال العامين السابقين فعاليات القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، وذلك ضمن مسيرتها الرائدة نحو تحقيق طموحاتها الرامية لتعزيز مكانة دبي كعاصمةً عالمية للاقتصاد الأخضر، إضافة لتوفير منصة مثالية تجمع كبار الخبراء في مجال الاقتصاد الأخضر لمناقشة تعزيز إبرام الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتطوير مبادرات خضراء لتحقيق مستقبل مستدام. وتنطلق القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2016 تحت شعار رئيسي جديد "دفع مسيرة الاقتصاد الأخضر العالمي" الفترة من 5-6 أكتوبر المقبل، وتهدف من خلاله لتفعيل توصيات ومخرجات إعلان دبي التي أعلن عنه في الدورات السابقة، ومساعدة دول المنطقة على تحقيق الأهداف المشتركة مع اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ 2015، ومؤتمر مراكش، وأهداف التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة.

وتعمل دبي بشكل دؤوب وحثيث على دفع عجلة الاقتصاد الأخضر من خلال إطلاق سلسلة من المبادرات التي تم الإعلان عنها على مدار العام الماضي، ففي 28 نوفمبر من عام 2015، أطلق سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، والتي تهدف لتوفير 7% من طاقة دبي من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2020، وزيادتها إلى 25% بحلول العام 2030 و75% بحلول العام 2050. تتكون الاستراتيجية من 5 مسارات رئيسية وهي: البنية التحتية، البنية التشريعية، التمويل، بناء القدرات والكفاءات، توظيف مزيج الطاقة الصديق للبيئة.

ويرتبط المسار الثالث في هذه الاستراتيجية بإيجاد حلول تمويلية للاستثمار في مجال البحث والتطوير المرتبط بالطاقة النظيفة وتطبيقها، ويندرج تحت هذا المسار إنشاء " صندوق دبي الأخضر " بقيمة تصل إلى 100 مليار درهم، حيث سيساهم الصندوق من خلال موارده المالية من توفير قروض ميسرة لمستثمري قطاع الطاقة النظيفة وبنسب فائدة مخفضة.

 ولتعزيز مقومات الاقتصاد الأخضر في المنطقة، أعلنت هيئة كهرباء ومياه دبي في شهر يناير من العام الحالي عن طرح مناقصة للشركات الاستشارية لتطوير الاستراتيجية ووضع اللوائح التنظيمية والتنفيذية لصندوق دبي الأخضر بهدف توفير أدوات تمويلية للمستثمرين في قطاع الطاقة النظيفة، في خطوة أكدت التزام الإمارة بدعم برنامج الاستثمار في قطاع الطاقة وتطبيق المبادرات الخضراء وتحقيق الاستدامة وتنميتها.

نفخر بالإنجازات التي حققتها دولة الإمارات في هذا المجال حيث تمكنا من تحقيق نجاحات متميزة خاصة في مجال استخدامات الطاقة الشمسية وتم تسجيل رقماً عالمياً جديداً في مجال تكلفة الطاقة الشمسية الكهروضوئية بعد حصولنا على أدنى سعر عالمي بلغ 2.99 سنت/دولار لكل كيلووات في الساعة بنظام المنتج المستقل للمرحلة الثالثة وبقدرة 800 ميجاوات من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية التي سيتم تشغليها في عام 2020، من الائتلاف الذي تقوده “مصدر" ويضم كلا من شركة " إف آر  في" الإسبانية ، ومجموعة "غران سولار" . وتكمن أهمية المجمع في كونه الأول من نوعه في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى في قدرته الإنتاجية، إذ إنه باكورة مشروعات واعدة لاستخدام الطاقات المتجددة في توليد الطاقة الكهربائية في إمارة دبي.

 وفي الوقت الحالي، تعتبر الطاقة المتجددة والاستدامة من المواضيع التي تتصدر الأجندة العالمية حيث تواجه دول العالم تحديات متنامية في مجالات الطاقة والتي يجب مواجهتها من خلال توحيد وتضافر الجهود العالمية لتعزيز مقومات الاقتصاد الأخضر العالمي، حيث تشكل الاستدامة إحدى المحاور الأساسية للقمة العالمية للاقتصاد الأخضر، وفي الوقت ذاته تعد من الركائز الأساسية لفعاليات معرض اكسبو الدولي 2020. ويشكل العام 2016 محطة محورية في مسيرة دبي نحو التنمية المستدامة وتعزيز إسهاماتها في تطوير مقومات الاقتصاد الأخضر، ومع الإعلان عن استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، ستحظى المبادرات المتعلقة ببرامج ترشيد استهلاك المياه والطاقة بمزيد من الزخم، وستلعب دوراً هامًلً في تسليط الضوء على قدرات دول المنطقة لتعزيز إسهاماتها في مجال الاقتصاد الأخضر على مستوى العالم. وستسعى القمة العالمية للاقتصاد الأخضر كمنصة رائدة في دورتها لهذا العام في مجال وضع السياسات وإطلاق المبادرات، والتمويل الأخضر، وتبادل الخبرات والتجارب والنقاشات في مجال الاقتصاد الأخضر على المستويين الإقليمي والعالمي. بالإضافة الى استعراض أهم الانجازات على مدار العامين السابقين، وكشف النقاب عن التحضيرات عن خططها المستقبلية في مجال الاقتصاد الأخضر.